أسرة مكونة من أب وأم..وثلاثة أولاد.....
تربوا تحت ظل والديهم تربية حسنة....
يزن...كان ولدا مجتهدا في دراسته..طموح جدا ولديه أحلام كبيرة..
يزيد...يحب أن يعيش حياته العادية ببساطة...أي أنه كان واقعيا..وكان مجتهدا في دراسته أيضا..
زياد...لم يكن يهتم بدراسته كثيرا..ولكنه كان محبوبا بين معلميه وأصدقائه..
لطالما تمنت الأم أن ترزق بطفلة جميلة...ولكن رزقت للمرة الرابعة بطفل جميل ..وسيم..فما كان منها إلا أن رضيت وآمنت..أسموه صهيب .. انه اسم جميل.....
خرجت الأسرة ذات يوم إلى البحر...
اختار يزن مكانا هادئا وجلس فيه لوحده يتأمل البحر..ويرسم أحلام المستقبل...
أما يزيد فأخذ يترنم ويشدوا بألحانه العذبة...
أخذ الفضول يسري داخل زياد..فهو ولد مشاغب يهوى المغامرة والاكتشاف..ذهب وجلس قرب الشاطئ يتأمل ما بداخل البحر...
وصهيب مازال طفلا يجلس بين أحضان أمه...
شاهد يزيد أخوه يزن يجلس منفردا.فذهب مسرعا إلى زياد وقال له..انظر إلى يزن..ألا ترى أنه قد بالغ في خيالاته الواسعة..أجابه زياد..صدقت.. انه فعلا يبالغ في أحلامه..هيا لنذهب إليه..
ذهب الأخوين إلى يزن..وناداه بأعلى صوتهما لكنه لم يسمعهم..فما كان من زياد إلا أن رش عليه الماء وقد كان باردا...فغضب يزن وقال..ما الذي فعلتموه لقد قطعتم عليّ سعادتي..أجابه يزيد..يا أخي عش حياتك الواقعية ودعك من الأحلام....قاطعه زياد وقال..أي أحلام وأي واقع..هيا قوموا نلعب سويا فالجو جميل ومنعش...
سمع الأولاد نداء والدهم فقاموا جميعا ولبوا النداء...
ثم حانت لحظة الغروب وما أجملها من لحظة..جلس الجميع يتأمل هذا المنظر البديع...سبحان الله...
انتهزت الأم هذه الفرصة الجميلة وأخذت تقول لأبنائها...
هاهي شمس هذا اليوم قد غربت..ولكنها بالتأكيد ستشرق من جديد..فإن غربت شمس حياتكم يوما ما..فثقوا كل الثقة بأنها ستشرق من جديد..وتأكدوا أن بعد الظلام فجرا مشرقا....
كلمات بسيطة..لكنها كانت كبيرة في عقول هؤلاء الأشبال..
عادت الأسرة إلى المنزل وخلد الجميع إلى النوم...
ومع آذان الفجر..استيقظ الجميع كعادتهم كل يوم..
ذهب الأب مع أبنائه لأداء الصلاة ..ثم عادوا...فانطلق يزن يراجع ما قد ذاكره من دروسه...أما يزيد فأخذ يستعد لإلقاء أنشودة الصباح في المدرسة...أخذ زياد يلاعب أخيه الصغير صهيب...وقامت الأم بإعداد طعام الإفطار...
أفطر الجميع ثم ذهب الأولاد إلى مدارسهم والأب إلى عمله...جلست الأم في المنزل مع صهيب فهو أنيسها الوحيد..
مضى الوقت سريعا حتى عاد الجميع..أسرع يزن إلى غرفته وقد ظهرت عليه علامات الحزن...فأقفل الباب عليه.. دخل زياد وتوجه مباشرة إلى صهيب وقد أحضر له بعضا من الحلويات...
أسرع يزيد إلى غرفة يزن وقد رآه زياد..طرق يزيد الباب فلم يجب يزن...وجد الباب مفتوحا فدخل.. كان يزن يجلس قرب النافذة..أما زياد فقد كان يستمع لهما ولم ينتبها له...
جلس يزيد قرب يزن وسأله ..ما بك يا أخي ...أجبني...رد عليه يزن..إني في مشكلة..إني ورطة كبيرة ...
هدأه يزيد وسأله..إني أسمعك ماذا حصل لك....؟
قال يزن لم أجب جيدا في الاختبار فنقصت درجاتي وإني خائف من ضياع حلمي...
كاد يزيد أن يضربه لولا تدخل زياد..
قال يزيد بغضب..لقد أقلقتني عليك وظننت أن مكروها قد أصابك.....قاطعه يزن قائلا..وهذا الذي حل بي ألا يهمك..ألا توجد لديك أحلام وأماني....
قال يزيد..ولكن يا أخي لا تكن معقدا إلى هذه الدرجة......علا صوتهما...فسمعتهم الأم فدخلت عليهم..
سكت الجميع وساد الصمت فترة من الزمن..ثم قالت..ما المشكلة؟..
قص عليها زياد ما حصل...ففهمت وضحكت..فهي ضحوكة دائما....وقالت..يالكم من أولاد ظرفاء..
استغرب الجميع من قولها هذا..
جلست الأم .. فاجتمع الأولاد حولها..وأخذت تقول لهم...
اسمع يا يزن..لا داعي للحزن فأمامك الكثير والكثير..ولا ترهق نفسك بالتفكير في المستقبل..فأنت ولد نشيط ومجتهد..وستحصد غدا ما تزرعه الآن..
أما أنت يا يزيد..فيجب أن تضع لك هدفا تسير من أجله...
أخذ زياد يتراجع خطوة خطوة ويحاول الهرب قبل أن يسمع كلمات أمه المعتادة...
وفعلا استطاع الهروب وظن أنه لم ينتبه إليه أحد....
خرجت الأم وتوجهت إلى غرفة زياد..دخلت عليه فتظاهر بالمذاكرة..جلست الأم بقربه وأخذت تتكلم معه...
آه..ما أجملها من أم...وما أروع حياة هذه الأسرة....
مضت السنين والأيام..وكبر الأولاد.....
سافر يزن لدراسة الطب في الخارج ثم عاد وصار الجميع ينادونه بالدكتور يزن...
وأصبح يزيد منشدا..له مكانة عالية ويشارك في المناسبات والحفلات الإنشادية...
أما زياد فقد أصبح بحارا ينتقل من مكان إلى مكان..
افتخر الوالدان بهؤلاء الأبناء..فقد أحسنوا تربيتهم وتعليمهم...
فما أجمله من حصاد....
ليت جميع الناس يعون ذلك ويحسنوا تربية أولادهم...
حتى ينشأ جيلا مبدعا.....